المفتي: محمد الحسن ولد الددو الإجابة:
إن كلَّ صاحبِ معصية إذا استطاع الإنسان تغيير منكره فيجوز له الإقدام عليه ومجالسته ليغير منكره.
وإذا كان لا يستطيع تغيير منكره فيلزمه هجرانه ما دام على معصيته، وقد سمع ابن عمر رضي الله عنهما صوت مزامير فأدخل إصبعيه في أذنيه واشتد في العدو ومعه نافع وكان صغيراً، فكان يسأله هل تسمع صوتاً، فلما أشار أنه انقطع عنه الصوت انتزع ابن عمر إصبعيه من أذنيه، فلذلك إذا كان الإنسان في أي مجلس من المجالس يستطيع تغيير المنكر فيلزمه أن يحضر وأن يغير المنكر، وإذا كان لا يستطيع فالأصل أن لا يحضر ذلك، لأن الله تعالى يقول: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}، وقال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
وقد اختلف أهل التفسير في قوله: {بعد الذكرى}، فقيل بعد نزول الآية، وقيل: بعد تذكيرهم ودعوتهم، فإذا أتيتهم في المجلس فذكرتهم ودعوتهم إلى ترك المنكر فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين، وقيل المعنى بعد نزول هذه الآية فيقتضي النهي عن القعود مطلقاً.