وكذلك من نعم الله العامة: نعمة الفراغ ونعمة الجدة، والثروة، وما أكثر الذين أخلوا بشكر هذه النعمة.
نعمة الفراغ: هذه نعمة عظيمة، إذا كان الإنسان عنده وقت؛ فإن عليه أن يستعمله في الخير؛ سيما إذا رزقه الله صحة في بدنه، تعرفون قول النبي -صلى الله عليه وسلم-{ نعمتان نغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ}
ومعنى ذلك: أن كثيرا من الناس لا يهتم بشكر هذه النعمة، نعمة الصحة، ونعمة الفراغ؛ فالذين عندهم فراغ، وعندهم وقت، ليس فيه شغل شاغل؛ عليهم أن يستغلوه في الشيء الذي يفيدهم؛ سواء في أمور دنياهم، أو في أمور دينهم.
فإذا استعمل الإنسان أوقات فراغه في تعلم العلم، كان شاكرا، وإن استعمل أوقات فراغه في حفظ القرآن، كان ذلك شكرا، وإن استعمله في دعاء الله -تعالى- وذكره، واستغفاره، والتوبة إليه، كان شاكرا، وكذلك إذا استعمل أوقات فراغه في كسب مال حلال، في تجارة مباحة ليس فيها شبهة، يقصد بها أن يعف نفسه، وأن يغني نفسه، وأن يتصدق مما أعطاه الله -تعالى- كان ذلك -أيضا- من الشكر، لشكر نعمة الفراغ. وأمثلة ذلك كثيرة.
وأما كيفية كفرها: فهو استغلالها في الذي يضره؛ فتقول –مثلا- الذين عندهم أوقات فراغ في كل يوم -مثلا- عشر ساعات، أو خمس عشرة ساعة، ليس عنده شغل؛ ولكنه يقضي أوقاته سبهللا، فيما يضره، إما في سماع أغاني، وإما في سماع ملاهي، أو في قيل وقال، أو في مجالس غيبة ونميمة، أو ما أشبه ذلك، أليس محاسبا على هذا الوقت؟ بلى، إنه يحاسب عليه، وإنه -ولا بد- سيندم عندما يسأل عن أوقات فراغه، في أي شيء استغللت أوقات فراغك؟ لا شك أن هذا من كفر النعم.
كذلك كثير من الناس يشغلون أوقات فراغهم -الذي هو نعمة- في اللعب؛ فتجدهم مقابلين للشاشات، ينظرون إلى اللعّابين، وإلى أهل اللهو ونحوهم؛ فيفوت عليه وقت طويل، دون أن يكون لهم فيه فائدة؛ فيكونون قد كفروا نعمة الله.
وكذلك -أيضا- كثيرا ما يسألنا بعضهم، ويقول: إن عندنا أوقات فراغ، فكيف نشغلها؟ نحب أن نشغلها في شيء نتسلى به. فيشغلونها في اللعب، في لعب بالأوراق، ونحوها التي تسمى بكيرم، أو تسمى ببلوت، أو نحوها، فيقطعون وقتا طويلا. أليس هذا كفرا لهذه النعمة؟ أليس هذا إضاعة لهذا الوقت؟
ماذا تستفيد من هذا اللعب؛ سواء كان بعوض وهو ما يسمى بالقمار، أو كان بدون عوض؟ لا شك أن ذلك كله من كفر هذه النعم